ثورة عز الدين القسام مفجرة الثورة الفلسطينية الكبرى 1936-1939 بقلم الكاتب محسن الخزندار
تاريخ النشر : 2009-11-11
ثورة عز الدين القسام مفجرة الثورة الفلسطينية الكبرى 1936-1939
نشبت أول اضطرابات في فلسطين في 4/إبريل/1920 أثناء احتفالات موسم النبي موسى التي تتم في هذه الفترة من كل سنة حيث انقلب الموسم إلى صدامات مسلحة مع البوليس الإنجليزي أدى إلى وقوع قتلى وجرحى من العرب واليهود.
تألفت لجنة عسكرية للتحقيق أسفرت إذ قد ورد في التقرير أن العرب يخشون ضياع استقلالهم من جراء سياسة وعد بلفور فقاموا بفضح المؤامرة اليهودية ومقاومة فكرة الوطن القومي اليهودي( ).
ساد القلق الشعب الفلسطيني بسبب المصير المحزن الذي ينتظر الوطن والشعب من جراء سياسة الإنجليز التي ترمي إلى جعل فلسطين وطنا قوميا لليهود فاندلعت في مدينة يافا ثورة جديدة 1/مايو/1921 انقض فيها أهالي يافا على تجمع المهاجرين اليهود وقتلوا عددا منهم وفي تلك الأثناء هاجم أفراد الشعب المستعمرات اليهودية بين يافا وطولكرم وخاصة مستعمرة ملبس حيث قتل وجرح أكثر من مائتي يهودي وقُتل عشرات الفلسطينيين برصاص البوليس الإنجليزي الذي تصدى لإرادة الشعب الفلسطيني الثائر على اليهود( ) .
تشكلت لجنة برئاسة القاضي توماس هايركرفت للتحقيق في أسباب الاضطرابات وقدمت تقريراً إلي مجلس النواب الإنجليزي جاء فيه أن سخط العرب قد ازداد بسبب سياسة الإنجليز الرامية إلى تهويد فلسطين وأن الشعب الفلسطيني من مسلمين ومسيحيين على حد سواء يقاوم سياسة الحكومة الإنجليزية وطالب التقرير بإنصاف الفلسطينيين إلى حد ما.
قامت حشود يهودية بالتقدم نحو حائط البراق بجوار المسجد الأقصى محاولةً احتلاله وهم ينشدون نشيد الأمل "هاتكفا" ويهتفون الحائط حائطنا وأثار هذا العمل الجماهير المسلمة فتقرر القيام بمظاهرة بعد تأدية صلاة الجمعة وقد اشترك فيها عدة آلاف من أبناء الشعب الفلسطيني معبرين عن السخط الشديد من جراء اعتداء اليهود على المقدسات الإسلامية وأحرقت الجموع الثائرة منضدة الشماس اليهودي والاسترحامات التي يضعها اليهود في ثقوب الحائط( ).
فتحت تلك المظاهرة عيون أبناء الشعب الفلسطيني في كل مدينة وقرية من مدن فلسطين وتقرر إقامة مظاهرات عامة يوم الجمعة في 23/أغسطس/1929 وقامت المظاهرات بعد صلاة الجمعة وعمّ الغضب والهياج سائر أنحاء فلسطين ووقع هجوم على اليهود في مدينة الخليل بقيادة: محمد جمجوم وعطا الزير وهاجم الشعب ثكنة البوليس في مدينة نابلس.
قامت مظاهرات وهجمات على اليهود في مدينة حيفا والمستعمرات المجاورة لها وشارك أهالي الطيرة و شفا عمرو وسُجن عشرات منهم وجرى قتال في مدينة نابلس ومظاهرات دامية في مدينة يافا ومعركة صفد الشهيرة التي قادها فؤاد حجازي وأحمد طافش ونايف غنيم وتمكنوا من قتل وجرح المئات من اليهود.
قدر عدد إصابات اليهود في ثورة 1929 بنحو ألف إصابة بين قتيل وجريح وقتل وجرح برصاص البوليس الإنجليزي نحو مائتي فلسطيني وقامت السلطات الإنجليزية في فلسطين بعد ذلك باعتقال الآلاف من الشعب الفلسطيني ونفذت حكم الإعدام في ثلاثة شنقاً وهم: محمد جمجوم وعطا الزير من مدينة الخليل وفؤاد حجازي من مدينة صفد وقد شاركت الأمة العربية بمظاهرات صاخبة في معظم مدن الوطن العربي تأييداً للشعب الفلسطيني.
أرسلت إنجلترا بعد انتهاء الانتفاضة الفلسطينية كالعادة لجنة تحقيق لدراسة الأسباب التي أدت لقيام الثورة وكانت اللجنة في هذه المرة برئاسة "شو" وقد اتخذت قرارات عديدة لصالح العرب أصحاب فلسطين الأصليين وأوصت بوقف بيع الأراضي لليهود و أوصت بتحديد الهجرة اليهودية لفلسطين وتأمين حق عرب فلسطين ولكن جميع تلك التوصيات تم إهمالها لتعارضها مع سياسة حكومة الانتداب الرامية لجعل فلسطين العربية وطناً قومياً لليهود.
قامت مظاهرة صاخبة في مدينة القدس في 13/أكتوبر/1933 احتجاجاً على سياسة تهويد فلسطين العربية اشترك فيها زعماء البلاد وعلى رأسهم موسى كاظم الحسيني واشتبك الشعب مع البوليس وجرح عشرات من الجانبين وقامت أعنف مظاهرات في مدينة يافا في 17/أكتوبر/1933 امتدادا لمظاهرات القدس اشترك فيها وفود من سائر أنحاء فلسطين ومن دمشق والأردن وجرت معارك دامية حيث أطلق البوليس الإنجليزي النار على الشعب الفلسطيني الأعزل فاستشهد ثلاثون مواطناً وجرح المئات وفي 28/أكتوبر/1933.
قامت مظاهرات عامة شملت سائر مدن فلسطين وأعلن الإضراب الذي استمر أسبوعاً كاملاً في سائر أنحاء فلسطين تخللته مظاهرات دامية وكانت مطالب الشعب العربي في فلسطين منذ البداية :
1-وقف الهجرة اليهودية إلى فلسطين.
2-سن تشريع بمنع انتقال ملكية الأراضي من العرب إلى اليهود بتاتاً.
3-تأليف حكومة وطنية مسئولة أمام مجلس نيابي يشترك فيه أهل البلاد حسب النسبة العددية وسجل الشعب الفلسطيني صفحات جديدة من تاريخ النضال الفلسطيني بمقاومته الاستعمار الإنجليزي وسياسته التي تهدف إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين العربية( ).