ضعف الدولة العثمانية
كان اختلال نظام الانكشارية وتوالي هزائمهم العسكرية وظهور قوى جديدة من أسباب ضعف الدولة إلي جانب انتشار الفساد والرشوة وضعف السلاطين ، وسوء جباية الضرائب وفرض نظام الالتزام الذي أدى إلي هجـرة الفلاحين من أراضيهم ، وقد ظلت الخلافة العثمانية حوالي أربعة قرون وهي مدة طويلة لاشك أنها صعبت من استمرارية إحكام قبضة العثمانيين على ممتلكاتهم طوال هذه الفترة ، وبصفة عامة عانت الولايات العربية من تدهور أحوال الزراعة والصناعة والتجارة إلي جانب تعصب الأتراك لجنسهم وتفضيله على العنصر العربي تغذيهم بعض العناصر اليهودية التي كان لها نفوذ واسع في جمعية الاتحاد والترقي، فقامت الحركات الانفصالية عن الدولة ومنها الحركة الوهابية والسنوسية والمهدية وحركة محمد علي التوسعية في مصر ،
ولما شعرت الدولة العثمانية بضعفها فرضت على العالم العربي العزلة وقطعته عن الاتصال بالعالم الخارجي فانتشرت الأمية واقتصر التعليم على الكتاتيب الملحقة بالمساجد التي كانت تدرس العلوم الدينية والفقهية فقط ، كما كانت مدة حكم الولاة تقتصر على عام أو أكثر مما مهد لطمع الولاة ومحاولة استقلالهم عن الدولة ، كذلك كانت الامتيازات الأجنبية التي منحتها الدولة العثمانية لرعايا الدول الأجنبية سببا من أسباب الانهيار فقد أساء رعايا هذه الدول فهم هذه الامتيازات واعتبروهـا حقا مكتسبا لهم فنراهم يتهربون من دفع الضرائب ولا يخضعون أنفسهم لقانـون الدولـة
كما ظهرت أطماع الدول الاستعمارية في ممتلكات الدولة ودخلت روسيا الحرب ضد العثمانيين فيما عرف بحرب القرم 1853م ولم تنتهي إلا بمعاهدة سان استيفانوس التي فضت النزاع بينهما ، كما حظيت النمسا وبريطانيا على أجزاء من ممتلكات الدولة بعد مؤتمر برلين 1879م ، وبدأ اليهود في رسم مخططاتهم التي توجوها بالهجرة إلي فلسطين بعدما حاولوا رشوة السلطان عبد الحميد وفشلوا في ذلك، فلجاوا إلي بريطانيا التي وجدت فيهم سندا لمصالحها في الشرق ، كما تجرأت دول أخرى وغزت ممتلكات الدولة ومنها فرنسا في حملتها على مصر والشام عام 1798م ثم احتلال فرنسا للجزائر عام 1830م ،
كما أعلن الجبل الأسود الحرب على الدولة العثمانية وتحالف مع صربيا وبلغاريا واليونان وتمكنوا من إحراز النصر على العثمانيين الذين فقدوا معظم أراضيهم في أوروبا لذلك ظهر مصطلح المسألة الشرقية أو رجل الشرق المريض الذي أطلقه المؤرخون على الدولة العثمانية.. ومع ذلك استمرت الخلافة حتى جاء كمال أتاتورك وأسقطها عام 1924م لتقوم دولة تركيا الحالية وتأخذ طريقها نحو العلمانية .... ورغم ذلك فلا أحد يستطيع أن ينكر إن الدولة العثمانية كانت دولة مجاهدة .[b]