ذكرى التهجير من الوطن ماثلة في أذهان الفلسطينيين
(الجزيرة-أرشيف) عوض الرجوب-الخليليصعب على الفلسطينيين ممن عايشوا النكبة قبل 62 عاما نسيان لحظات الترحيل القسري التي عايشوها خلال تلك الأيام الخوالي من عام 1948، رغم تقادم الأيام.
ومع أن أولئك المهجرين كانوا يتوقعون عودة قريبة إلى ديارهم بناء على تعهدات عربية، فإن مأساتهم ما زالت مستمرة.
وتختلف مشاهدات ضحايا النكبة باختلاف رواة أحداثها، فكثيرون شاهدوا جثث الضحايا في المدن والقرى وعلى الحدود خلال عمليات التسلل إلى القرى المدمرة لإحضار ما تبقى من متاع.
ورغم الوجه الحزين للنكبة فإن الكثيرين تحدثوا للجزيرة نت عن قصص بطولية وسجل من الانتصارات، وكلهم واثقون بأن العودة ستكون أمرا واقعا ولو بعد حين، وهم يعلمون ذلك لأبنائهم وأحفادهم.
عبد المجيد أبو سرور: هدموا القرية بالكامل بما في ذلك المسجد الرئيسي (الجزيرة نت)كمائن اليهوديقول الحاج عبد المجيد أبو سرور من بلدة بيت نتيف من ضواحي القدس، إنه لا يستطيع أن ينسى مشهد جثث الشهداء ممن حاولوا التسلل إلى بيوتهم بعد التهجير وكيف قتلتهم كمائن اليهود.
ويضيف أبو سرور الذي يسكن مخيم عايدة ببيت لحم حاليا "شاهدت ست جثث على الأقل ملقاة على الأرض، وكنت أشم رائحتها.. لقد هدموا القرية بالكامل بما في ذلك المسجد الرئيسي والزوايا والبيوت".
بدورها تقول الحاجة وضحة عبد الهادي الطيطي –التي لم يتجاوز عمرها أيام النكبة 10 سنوات- إن أقسى اللحظات التي عاشتها كانت عندما فرت بشقيقها الرضيع وأختها الصغرى من قرية عراق المنشية ليلا إلى الأطراف، بينما كان الوالد يبحث عنهم طوال الليل في ظل هجمات كبيرة من قطعان اليهود في مستعمرة غاد القريبة.
وتتحدث وضحة عن هجمات بعد ذلك أجبرتهم على الهجرة نهائيا، حيث "سلكت عائلتنا طريقا إلى بلدة ترقوميا غرب الخليل، حتى استقر بنا المقام في مخيم الفوار الذي ما زلنا نسكنه".
أما الحاج شاور السراحنة فأبرز ما يتذكره طيب الحياة فيالفالوجة، لكنه يقول إن هذه الراحة انقلبت إلى مأساة بمهاجمتهم من قبل يهود قدموا إليهم من مدينة حيفا، ومع ذلك يبدو متيقنا أن يوم العودة قريب.
محمود أبو هشهش: شاركت بمعركة قتل فيها 108 جنود إسرائيليين (الجزيرة نت) انتصاراتوإلى الجانب المأساوي للنكبة تحدث بعض الضحايا عن انتصارات، إذ يقول الحاج محمود أبو هشهش (فوق 80 عاما) إن قريته (عراق المنشية) عاشت الحصار لستة أشهر.
ويضيف "قاتلنا إلى جانب الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر وكان حينها قائدا في الجيِش، وشاهدت الدبابات المصرية وكان عددها يزيد على الستين، وهي في وسط القرية دون وقود".
ويتابع أنه شارك في معركة قتل فيها 108 جنود إسرائيليين، مشيرا إلى أن العصابات اليهودية اقتحمت القرية وأوقفت الرجال والنساء والشيوخ على الجدران، فبادر مع مقاتلين آخرين وجنود في الجيش المصري إلى مباغتتهم، وكانت حصيلة المعارك جميعها أكثر من 400 مهاجم يهودي، وأسر خمسة آخرين.
ويقول أبو هشهش إن عبد الناصر عرض عليه بعد سقوط البلدة وتسليمها -بوساطات دولية وعربية- أن يذهب معه إلى غزة، على أن يصبح ضابطا بثلاث نجمات خلال عام، لكنه رفض وفضل اللحاق بأهله في الخليل.
وأوضح أن اليهود بدؤوا بعد ذلك الانتقام من القرية وقتلوا رعاة الأغنام وأسروا المواطنين ومن ضمنهم ثمانية من أبنائه مكثوا في سجون الاحتلال فترات طويلة.
ومن المشاهد التي يرويها أبو هشهش استشهاد زوجة عبد الرحمن الطيطة، حيث كانت تحمل طعاما لزوجها، فأطلق اليهود النار على رأسها من الجهة اليمنى وخرجت الرصاصة من الجهة اليسرى.